شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة logo إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه.
shape
كلمة في رئاسة الأمر بالمعروف
5976 مشاهدة print word pdf
line-top
أدلة وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وعقوبة تاركه

تذكرون أيضا ما ذكره ابن القيم وغيره -ذكر في كتابه الجواب الكافي أحاديث كثيرة في إثم المعاصي وآثارها، ومن ذلك أنه ذكر: أن الله أوحى إلى نبي من أنبياء بني إسرائيل أني مهلك من قومك ستين ألفا من شرارهم، وأربعين ألفاً من خيارهم، فقال: يا رب هؤلاء الأشرار، فما بال الأخيار؟ فقال: إنهم لم يغضبوا لغضبي، وكانوا يجالسونهم ويؤاكلونهم فعذب الله أربعين ألفا وأهلكهم مع أنهم من خيارهم، ولكن كانوا يجالسون أهل المعاصي ويشاربونهم ويؤاكلونهم ولا ينكرون عليهم.
وذكر أيضا أن الله تعالى أمر جبريل أن اخسف بقرية كذا وكذا. فقال: يا رب فيهم فلان لم يعصك طرفة عين. قال: به فابدأ وأسمعني صوته؛ فإنه لم يتمعر وجهه فيَّ قط يعني: ما غضب لله تعالى، وإنما كان غضبه لأموره الدنيوية، أو لا يغضب إذا انتهكت محارم الله.
وذكر أيضا أن بعض بني إسرائيل رأى ابنا له على معصية فقال: مهلا يا بني –هكذا- ما قال إلا: مهلا يا بني؛ بمعنى أنه لم يتمعر وجهه ولم يغضب، وإنما تكلم بهذه الكلمة؛ فعاتبه الله؛ يعني كان غضبك أن قلت: مهلا يا بني! ولم تغضب لله تعالى.
ولا شك أن هذه تسبب الخوف من إقرار المحرمات، ومن السكوت عليها مع القدرة، ومن التهاون بأية ذنب ولو كان صغيرا، فإن التهاون به يسبب كونه كبيرا.
والواقع يشهد بذلك، لا نحتاج إلى تعريف للأمر والنهي؛ ولكنكم تعرفون أن كلمة الأمر ليست مجرد ( افعل )، بل هي الإلزام، وكذلك كلمة: ( لا تفعل ) لا تكفي، بل لا بد من الإلزام، الإلزام بالترك للمنكر، وبالفعل للمعروف، فالأمر يستدعي الإلزام بالفعل، والنهي يستدعي الإلزام بالترك.
ودليل ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان وقوله صلى الله عليه وسلم لما ذكر خير الأمة قال: ثم إنه يأتي بعد ذلك قوم تسبق شهادة أحدهم يمينه، ويمينه شهادته وفي رواية ذكر أنهم: ينذرون ولا يوفون، يخونون ولا يؤتمنون، يشهدون ولا يستشهدون، فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن، وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل ؛ وذلك لأن من جالسهم ووانسهم وواكلهم وشاربهم فإنه دليل على أنه لم ينكر عليهم بقلبه، فلا يكون في قلبه من الإيمان مثقال حبة من خردل، نعوذ بالله من هذه الحالة.
التغيير باليد: هو إزالة ذلك المنكر بحيث لا يبقى له أثر ولا عين، فإذا كان عندنا استطاعة وصلاحية في أن نغير هذه المنكرات؛ وجب ذلك علينا، وإذا خشيت أنك تعذب أو تمتهن أو تهان فإنك تغيره باللسان وتبين نكارته، وإذا خشيت من العواقب ولم يكن عندك قدرة انتقلت إلى تغييره بالقلب، وذلك يستدعي كراهيته، والبعد عن أهله وهجرهم، وترك مجالستهم ومؤانستهم، فإذا لم يفعل ذلك؛ فإنه ليس معه من الإيمان مثقال حبة من خردل، نعوذ بالله من هذه الحال.
الله تعالى يغضب لإقرار هذه المنكرات، وإذا غضب فإنه ينزل العقوبة، ورد في الحديث القدسي أن الله يقول: إذا أُطعت رضيت، وإذا رضيت باركت، وليس لبركتي نهاية، وإذا عُصيت غضبت، وإذا غضبت لعنت، ولعنتي تبلغ السابع من الولد يعني تأثيرا، فمع المعاصي تُسْخِط الله تعالى، ويكون أثرها - أثر- سخط الله على المجتمع كله الذي أقر هذه المحرمات، ولا شك أن إقرارها سبب من أسباب فشو العقوبات.

line-bottom